تربية الأطفال حديثي الولادة العناية العادية والبدنية، كيفية العناية العادية والبدنية بهم فهذه يتبع فيها نصائح الأطباء والتربويين .▪
من الأطباء المسلمين الأوائل المعروفين ، الإمام ابن قيم الجوزية ،
المتوفى سنة (751هـ) ، صاحب الكتاب المشهور "تحفة المودود بأحكام المولود، فقد كان من أهم أبواب كتابه "الباب السادس عشر" ، بعنوان " في فصول نافعة في تربية الأطفال، تُحمد عواقبها عند الكبر، يمكن الاستفادة بما فيه ، مع مراعاة أن ما ذكره هي مسائل اجتهادية ، بحسب
ما وصل إليه نظره العلمي ، وخبرته الطبية ، في تلك الفترة ، وبالإمكان
الاستفادة منها بوجه عام ، ومتابعة أمثالها في الطب الحديث.
خلاصة ما قدمه ابن القيم فى فوائد طبية قيمة في التعامل مع الأطفال حديثي الولادة
1- ينبغي أن يكون رضاع المولود من غير أمه بعد وضعه يومين أو ثلاثة، وهو الأجود، لما في لبنها ذلك الوقت من الغلظ والأخلاط ، بخلاف لبن من قد استقلت على الرضاع، وكل العرب تعتني بذلك، حتى تسترضع أولادها عند نساء البوادي، كما استُرضع النبي صلى الله عليه وسلم في بني سعد .
2- وينبغي أن يمنع حملهم والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعدا، لقرب عهدهم ببطون الأمهات وضعف أبدانهم .
3- وينبغي أن يقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم ، لضعف معدتهم وقوتهم الهاضمة عن الطعام ، فإذا نبتت أسنانه قويت معدته وتغذى بالطعام ، وينبغي تدريجهم في الغذاء .
4- فإذا قربوا من وقت التكلم وأريد تسهيل الكلام عليهم فليدلك ألسنتهم بالعسل والملح الأندراني ، لما فيهما من الجلاء للرطوبات الثقيلة المانعة من الكلام ، فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله .
5- فإذا حضر وقت نبات الأسنان فينبغي أن يدلك لثاهم كل يوم بالزبد والسمن ، ويمرخ حدر العنق تمريخا كثيرا .
6- ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه ، فإنه ينتفع بذلك البكاء انتفاعا عظيما ، فإنه يروض أعضاءه ، ويوسع أمعاءه ، ويفسح صدره ، ويسخن دماغه ، ويحمي مزاجه ، ويثير حرارته الغريزية ، ويحرك الطبيعة لدفع ما فيها من الفضول ، ويدفع فضلات الدماغ من المخاط وغيره .
7- وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة والمناظر الفظيعة والحركات المزعجة .
8- وتمام الرضاع حولين وذلك حق للولد إذا احتاج إليه ولم يستغن عنه ، وأكَّدَهما بكاملين لئلا يحمل اللفظ على حول وأكثر ، وينبغي للمرضع إذا أرادت فطامه أن تفطمه على التدريج ، ولا تفاجئه بالفطام وهلة واحدة ، بل تُعَوِّده إياه وتمرنه عليه لمضرة الانتقال عن الإلف والعادة مرة واحدة .
9- ومن سوء التدبير للأطفال أن يُمَكَّنوا من الامتلاء من الطعام ، وكثرة الأكل والشرب ، ومن أنفع التدبير لهم أن يُعطَوا دون شبعهم ، ليجود هضمُهم ، وتعتدل أخلاطُهم ، وتقل الفضول في أبدانهم ، وتَصحَّ أجسادهم ، وتقلَّ أمراضهم لقلة الفضلات في المواد الغذائية .
10- ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خُلُقِه ، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره ، من حرد وغضب ولجاج وعجلة وخفة مع هواه وطيش وحِدَّة وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك ، ولهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم ، وذلك من قبل التربية التي نشأ عليها .
11- وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره غاية التجنب ، فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة ، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يعطي ، ويعوده البذل والإعطاء ، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئا أعطاه إياه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء .
12- ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع ، فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة ، وحرمه كل خير .
13- ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة ، بل يأخذه بأضدادها ، ولا يريحه إلا بما يجم نفسه وبدنه للشغل ، فإن الكسل والبطالة عواقب سوء ومغبة ندم ، قال يحيي بن أبي كثير : لا ينال العلم براحة الجسم .
14- ويعوده الانتباه آخر الليل ، فإنه وقت قسم الغنائم وتفريق الجوائز ، فمستقل ومستكثر ومحروم ، فمتى اعتاد ذلك صغيرا سهل عليه كبيرا " انتهى . "تحفة المودود (194-203
No comments:
Post a Comment